شكل اعتماد المدرسة الجمهورية التي جاءت تنفيذا لتعليمات فخامة رئيس الجمهورية، السيد محمد ولد الشيخ الغزواني، منعطفا جديدا في تطوير أداء المنظومة التعليمية الوطنية، التي تجاوزت المفهوم التدريسي إلى فضاء أوسع لغرس المبادئ والقيم الفاضلة ولنشر روح الأخوة والتضامن، والشعور بالمصير المشترك.
وأتاحت هذه المدرسة التي تقترب من حصر التعليم الأساسي في إطارها على استعادة مؤسساتنا التعليمية لدورها حقلا للقيم الجمهورية ودعامة للوحدة الوطنية، عبر إصلاح جذري للنظام التربوي، يتيح لكل طفل في سن التمدرس الانتساب إلى مدرسة عمومية حديثة تعد أجيال المستقبل وتأهلهم لتحمل مسؤولياتهم اتجاه البلد من خلال القدرة على مواكبة تحولات العصر.
وسيمكن هذا المشروع التعليمي الهام من إرساء قواعد المدرسة التي نحلم بها جميعا لأجيالنا الصاعدة. مدرسةٌ يجد فيها كل طفل موريتاني فرصة لنمو طاقاته وتفتق مواهبه في جو تعليمي هادئ تطبعه القيم النبيلة المستمدة من ديننا الحنيف وثقافتنا العربية الافريقية.
وتشكل المدرسة الجمهورية التي جمعت بين مقتضيات الأصالة ومتطلبات العصرنة، بوتقة للمساواة والتلاحم الاجتماعي، توفر لكل فرد فرصة اكتساب المعارف والمسلكيات والمهارات التي تضمن له النجاح في حياته الشخصية والمهنية، طبقا لقدراته واختياره الشخصي.
وقد عملت الحكومة خلال السنوات الماضية على تهيئة الظروف المناسبة لتطبيق مضامين المدرسة الجمهورية عبر اتخاذ جملة من الإجراءات من ضمنها تشييد 4000 حجرة دراسية، وتوزيع 130 ألف طاولة مدرسية على مختلف المدارس في عموم التراب الوطني، وتوسيع برنامج الكفالات المدرسية ليشمل أكثر من 242 ألف تلميذ، وتقديم الدعم المالي لآلاف التلاميذ من الأسر الهشة لتشجيعهم على الدراسة، واكتتاب آلاف المعلمين، وتوزيع أكثر من 8 ملايين كتاب ودليل مدرسي على مختلف المستويات التعليمية، إضافة إلى اعتماد صندوق السكن اللائق للمدرسين.
وبدء المواطنون بفضل هذه الإنجازات يشعرون بأهمية المدرسة الجمهورية وبضرورة مساهمة الجميع في إنجاحها بدءا بالأسرة والطواقم التربوية والإدارة وآباء التلاميذ كل في مجاله مطالب بالمساهمة في إكمال بناء هذا الصرح العلمي الذي لا يوفر تعليما ذي جودة عالية فقط بل يعزز وحدة وتماسك مجتمعنا.
وقد رصد فريق الوكالة الموريتانية للأنباء خلال تجواله في المؤسسات التعليمية في اليوم الثاني من الافتتاح الدراسي إقبالا لافتا للتلاميذ وللطواقم التعليمية التي عبرت في مداخلاتها عن ارتياحها لظروف الانطلاقة، مبرزين أهمية المدرسة الجمهورية بوصفها إحدى الركائز الأساسية للإصلاح التعليمي الذي تنتهجه الدولة، الرامي إلى ترسيخ قيم المواطنة والمساواة وتكافؤ الفرص داخل الفضاء المدرسي.

فقد أوضح مدير مدرسة أعل الشيخ أمم بمقاطعة لكصر، السيد محمد يحظيه السالم، أن إقبال التلاميذ اليوم كان جيدًا مقارنة باليوم الأول من الافتتاح، شاكرا الطاقم التربوي على التزامه بالحضور في الأوقات المحددة مما مكن من مباشرة تقديم الدروس للتلاميذ منذ اليوم الأول.
وحث مدير مدرسة سيد أحمد أحمد عيدة (الامتياز)، السيد بون ولد محمد محمود، أولياء التلاميذ على إرسال التلاميذ إلى المدارس لكي لا تتراكم عليهم الدروس نتيجة للغياب، مشيرا إلى أن التدريس بدء بشكل فعلي على مستوى المؤسسة.

وقال نائب رئيس مكتب آباء التلاميذ في هذه المدرسة، السيد حمود أباه، الناجي، إن الإقبال كان بالمستوى المقبول، مشيرًا إلى أن المدرسة تمثل نموذجا للمدرسة الجمهورية التي كانت مطلبا لجميع المواطنين، شاكرا فخامة رئيس الجمهورية على تبني واعتماد المدرسة الجمهورية التي تعتبر قرارا استراتيجيا.
وأضاف أن النجاح في مجالات السياسة والاقتصاد والتنمية بصفة عامة مرهون بنجاح المدرسة الجمهورية التي توفر فضاء لأبناء موريتانيا بمختلف مكوناتهم في بيئة تعليمية موحدة، يستفيدون فيها من فرص التعليم المتساوية ويكتسبون المعارف العلمية بشكل متكافئ.

وفي مدرسة الشيخ القطب ولد أمم النموذجية في مقاطعة دار النعيم أوضحت معلمة القسم الثالث ابتدائي بهذه المدرسة، السيدة أخبارها بنت نافع سيدي ألمين، أن العمل بدء فعليا منذ اليوم الأول للافتتاح بحضور كافة الطاقم التربوي، مشيرة إلى أن الإقبال على التسجيل كان جيدًا من طرف التلاميذ.
وأشار رئيس مكتب آباء التلاميذ في هذه المدرسة، السيد إسماعيل ولد إبراهيم، إلى أن هذه المدرسة تتميز باستقطابها للتلاميذ من مختلف مقاطعات العاصمة مما جعلها تواجه ضغطًا كبيرًا، مشيرا إلى أن هذه الوضعية دفعتهم لمطالبة الوزارة بزيادة عدد الفصول، وهو ما استجابت له عن طريق البدء في بناء 10 فصول إضافية، اكتملت منها 4، فيما لا تزال 6 فصول قيد الإنشاء.
أما الشيخ ولد أعمر حباب، وهو أحد أولياء التلاميذ بهذه المدرسة، فقد أشاد بالإقبال الجيد من طرف أولياء الأمور على تسجيل أبنائهم، مثمنًا في الوقت ذاته حضور الطاقم التربوي منذ اليوم الأول مما مكن من بدء تقديم الدروس في ظروف طبيعية ومنظمة.
وبين السيد الطيب ولد العيل، مدير المدرسة الابتدائية في مجمع المدارس الخاص العروة، أن السنة الدراسية بدأت عمليا يوم أمس، مشيرا إلى أن إقبال التلاميذ مزال دون المستوى نظرا لأن جل الأسر كانوا خارج نواكشوط في عطلتهم الصيفية.





